تكون التبعية السعودية

( 0 )
$8.00 الوحدة

تأليف: الدكتور محمد نعمة فقيه

             تناول كثيرون البحث فيما يكاد يُعتبر نوعاً من التناغم فيما بين الهمجيتين المتصارعتين: همجية الإدارات الميركية المتعاقبة منذ رونالد ريغان وحتى جورج بوش الإبن التي تلتحف زوراً بلحاف الديموقراطية وحقوق الإنسان، وهمجية ردة الفعل التي تجد متّكأً لها في الفكر الإسلامي تتكئ عليه لتبرّر همجيتها، وما يوفّره هذا التصارع من إمكانات للفكر الهمجي الأصيل المتمثّل بالكيان الصهيوني، من إمكانات نمو وتطوّر لممارسة أقصى درجات الغطرسة والإرهاب وتكريس مبادئ وقيم جديدة في العلاقات الدولية تقوم على قاعدة البقاء للأقوى، أي للأكثر همجية.

            إلاّ أن تلك الأبحاث بقيت بعيدة عن تناول جذور تكوّن الفكر التكفيري في الإسلام وكيفية توظيف الغرب له في مشاريعه الخاصة الهادفة إلى إخضاع المنطقة العربية وشعوبها واستتباعها منذ أواسط القرن الثامن عشر. وهذا الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى عام 1991 وأعيدت طباعته بعد أقل من عام واحد، وها نحن نعيد طباعته للمرة الثالثة، يحاول الخوض في هذا المجال متتبّعاً نشأة الحركة الوهابية في الجزيرة العربية، باعتبارها الحركة التي تأسّس عليها الفكر التكفيري في العصر الحديث، والكشف عن الدور الذي لعبته في تفكيك أوصال السلطنة العثمانية وتغذية الفتن المذهبية في المنطقة بالتحالف والتناغم مع القوى الاستعمارية الكبرى في تلك الفترة: حيناً مع الامبراطورية البريطانية التي كان لها فضل تأسيس المذهب الوهابي ورعايته وتفعيل دوره، وحيناً آخر مع نابليون بونابرت حين بدا أفول دور بريطانيا العظمى في المنطقة لصالح فرنسا حين غزت جيوش نابليون بونابرت مصر وتحوّلت نحو بلاد الشام أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر.

            لذا يمكن اعتبار هذا الكتاب الوحيد حتى الآن الذي رصد تلك المرحلة وخاض تفاصيل نشأة الفكر التكفيري في التاريخ الحديث واستحواذ هذا الفكر على سلطة سياسية وعسكرية تشن الحروب وتنظّم المجازر في سبيل تحقيق غاياته. وربط فيما بين نشأة الحركة الوهابية وأخطر عملية تسلّل استعماري إلى قلب جزيرة العرب تمهيداً لاستكمال حلقة السيطرة على المقدّسات الإسلامية والمراكز العلمية بدءاً بالسيطرة على الحرمين الشريفين وعلى المسجد الأقصى، مروراً بالسيطرة على الأزهر الشريف وقمّ المقدّسة والنجف الأشرف، فضرب مشروع إحياء الدولة الإسلامية، وخلق عناصر تعميق تخلّف المة وشرذمتها وتشكيل مقوّمات تبعيتها.

            إنه كتاب جدير بالقراءة والنقاش ومواضيعه تحتاج إلى عناية متواصلة لتطوير الرؤية وتوضيحها، في محاولة للوصول إلى معرفة جذور تكوّن التبعية للغرب في المنطقة، تمهيداً لوضع برامج استنهاض الأمة وتحقيق حريتها ووحدتها.

List of the comments:
No comments have been posted yet.
تصويت: ( 0 )

Give your advice about this item:

اسم المستخدم:
البريد الإلكتروني:

معلومات إضافية